من سلسلة كتيبات كلام من القلب للأستاذ عمرو خالد
(من الحياة...قصص واقعية)
حكايتهم بألسنتهم
اسمى أحمد....مهندس كهرباء ، عملت من بعد تخرجى لمدة 8 سنوات وترقيت فى السلم الوظيفى و أصبحت من سنتين مدير مبيعات لإحدى الشركات الكبرى التى تعمل فى نفس مجالي وتخصصي...
والقصة تبدأ من سنتين من بعد ما بدأت أتعثر فى مجال عملى ، ومن بعد أن أخذت قرارا بفتح مكتب خاص بي ، وقد تأثر وضعى المادي جدا للأسف بعد أن كنت قد تعودت وأسرتى على وضع معين ، وبعد ذلك حدثت حادثة تعتبر هي محور القصة.
فأنا متزوج وعندي ثلاث بنات ، وحملت زوجتى بعد ذلك ومن الطبيعى أن نتمنى أن يكون ولدا وفعلا كان وادا ولكننا اكتشفنا بعد الولادة أنه طفل غير طبــــــــيعى ، وأنه غير كامل الادراك ، وسبب هذا صدمة قوية جدا لمن حولنا ولمن عرفوا هذا الخبر ، والحقيقة أننى وزوجتى عندما بلّغنا الاطباء بهذا أيقنا أن الله اختار لنا هذا الابتلاء ، أما أهل الاسرتين فتعاملوا مع هذا الحدث وكأن أحدا مات عندهم..وسمينا الطفل عبد الرحمن لأنه قد يكون رحمة بعثها الله لنا ، ولقد تعلقنا به جدا ، وبعد ولادة عبد الرحمن بأربعة أو خمسة شهور حملت زوجتى مرة ثانية بطريق غير متوقع وفى حسب الطب الوراثى احتمال تزايد الإصابة بهذا المرض بعد الطفل الرابع ، وكانت الطبيبة حريصة بمجرد ظهور آثار الحمل أن تسألنا هل نحلل السائل حول الجنين لمعرفة إذا كان مصابا ام لا؟ولكننا قلنا لا..ما يبعثه الله سنرضى به ، وفى بداية الشهر السادس لم يكتمل الحمل ، فلقد حدث لزوجتى نزيف شديد واكتشفنا ان المشيمة انفصلت وبالتالى لم يكتمل الجنين فأخذت السقط وكانت بنتا مصابة بنفس المرض وذهبت لادفنها وكان يوم الثلاثاء ، وفى يوم الاربعاء كان عبد الرحمن مريضا جدا ، وذهبنا إلى المستشفى ليلا ، وفى طريقنا اليها سمعنا شريطا فى التاكسى الذى نركبه وكان الشيخ يتكلم فيه عن الصبر..ودخلنا به المستشفى ولقد تأثر الاطباء بمنظره ، وبمجرد وصولنا الى غرفة الاكسجين كان عبد الرحمن قد مات ، وكل ما جاء فى ذهنى لحظتها هو الحديث القدسى (أن الله تعالى عندما يأمر بقبض روح ولد يقول للملائكة ، ماذا قال عبدى فيقولون حمدك واسترجع أى قال الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون) وخرجت إلى زوجتى فقلت لها انا لله وإنا اليه راجعون ، فرددت الزوجة ، وشعرت أننا أقل ابتلاء من أناس كثيرين.
وفى هذا الوقت شعرنا أن ما حدث لنا هو رحمة من الله ، فعندما أعطانا الطفل أعطاه لنا فى وقت كنا فيه بعيدين عن الله فالبيت كان فيه مشاكل كثيرة فوجود الطفل بيننا أعطانا نوعا من الرحمة والحب وتجمع شمل الاسرة مرة ثانية ، تقربنا الى الله يعنى هذا الطفل أدى رسالة معينة بعثها الله لنا ، وعندما انهى رسالته أخذه الله فى وقت كانت ايمانتاتنا فيه عالية جدا.
عندما كنا نقول هذا الدعاء (اللهم أجرنا فى مصيبتنا واخلفنا خيرا منها) بفضل الله دعونا هذا الدعاء ونحن مجتمعون وكان عندى يقين أن الله سيستجيب لدعائنا وبعدها بشهر ونصف تماما حملت زوجتى وكان هذا وقت ذروة الضيق فالعمل كان قد انتهى والدخل لم يكن موجودا تقريبا ، وبعد اربعة شهور من استقرار الحمل اكتشفنا انه توأم ثم رزقنا بالحسن والحسين والحمد لله ، لقد كان من اقصى امنياتنا بعد ان استرد الله وديعته فى طفل مريض فيعطينا بدلا منه طفلا سليما بل واثنين ، وقبل ان ارزق بهم بحوالى شهرين جاءنى عقد من دولة من دول الخليج وكان الناس قبل أن يأتى هذا العمل يقولون أنتم تزيدون عددا ولا يوجد مورد لكم ، ولكن جاء هذا العمل ليطمئن الناس ويقـــــول لهم إن الله سبحانه وتعالى لا ينتظر منا أى جهد ولكنه ينتظر ان نشكره ونتذكره ونحمده.
